'cookieOptions = {...};' الماضي يعود غَدًا.........بقلم نسيبة عطاء الله - بيت الإبداع " أثار العابرين للأدب والثقافة" الماضي يعود غَدًا.........بقلم نسيبة عطاء الله - بيت الإبداع " أثار العابرين للأدب والثقافة"

كتاب


الماضي يعود غَدًا.........بقلم نسيبة عطاء الله





noseiba

على قارعةِ الصدفَة قبلَ أن أصطدِمَ بِكْ مرَّ اسمُكَ وعبَّد لي الطريق فارشا ذراعَه كأنَّه يقول مرحَبا.. تقدَّمتُ دونَ أن أعِيَ ما يقصِدُه, وإذا بالحُبِّ يقطَعُ خُطواتي..
من شدَّةِ تَعبي, من شدَّةِ الوَهَنِ الذي زرعتَه برحيلك نسيتُ أنَّكَ لطالَما مررتَ من هناك, ولطالَما جرَّتني الصدفةُ إليك هناك, فهل للصدفة مكان؟ يا كُلّا ظننتُهُ جُزءً تداوى بالنسيان خانَتني الذكرى التي جاءتني بك, خانَتني لأنَّها جعَلتني أبدو أمامَكَ ناقِمة, فلطالَما أعددتُ للقائكَ قوَّةً أخفيتُها بعيدا عن هشاشَتي, وأعددتُ لصُدفةٍ بيننا البَردَ والجَماد, لكن بالقربِ من عطركَ ارتجفت, بالقرب من صدرك انصهرت, وتلبَّدتُ أمام وجهِكَ الذي بدا سَرابا, كنتُ أختلِسُ الأنفاسَ إليه من بينِ أمواجي. بعد كلِّ الثرثرة التي علَمتَنيها, علَّمني غيابُك أن أقول لكَ ما كان محظورا بيننا "لاباس, شكرا"..
ما جعلَني بائسةً جدا سعادتُكَ حين رأيتَني.. يا للطُّفولَةِ التي زرعتُها فيكَ كيف لم تذبُل؟
ولأولِ مرَةٍ لم تلتق العينان, لم أسبَحْ فيكَ كما كنتُ أفعَل, ولم أجعَلكَ تتلعثَمْ, لأوَّلِ مرَّة لا أحاوِلُ بأحاديثي الطويلة استبقاءَك, وكنتَ أمامي تتمنى لو أنّني كنتُ وحدي, لتُبَرِّرَ لي انسحابَك, وأنا حمدتُ الله أنَّني لم أكُن وحدي حتى لا تنفجِرَ براكينُ غضَبي فتفضحَني بالعتاب.. أنتَ انتهيت هذا ما قرأتَهُ في عيوني التي كانَتْ تنظُرُ إلى السَّماء دونَكْ..تلكَ السماءُ الغائمةُ التي كانت تبعَثُ رياحَها في عيوني كالمناديل, كنتُ أفكِّرُ بأيِّ قدمينِ سأمشي نحوَها وأنتَ خَلفي, حيثُ لن ألتفِت لأُقَبِّلَكَ كما كنتُ دائما أفعَل, فعيوني يا حُبًّا مَضى موعِدُها دموعٌ حارِقة, وصُوَرٌ منثورة كالأشباحِ في كلِّ اتجاه, وصَدرٌ لا أدري متى يحينُ موعِدُه.. بكيتُ يا حُبّا نسجَ بروحي أجملَ القصائد, بكيتُ يا جُرحا أعمَقَ من نسياني بكيتُ ولو كنتُ وحدي ما ظننتُني سأسكُتْ..
بكيتُ لأنَّنا لم نعُد شيئا, لم نعُد سوى هباءً, قصَّةً مفقودةَ الأطراف, لا حبيبينِ افترَقا, لا صديقينِ يلتقيانِ بفرَح, ولا غريبينِ لا يعرفُ الحزنُ إليهما سبيلا.. وأعرِفُ أنَّنا في الصُّدفةِ القادمة سيعودُ الماضي كما تركناه, لكن على أحدِنا أن يُنكِرَه...






 

ليست هناك تعليقات